شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
8556 مشاهدة
تفسير قوله: الحمد لله رب العالمين

وسميت سورة الحمد؛ لأنها مبدوءة بالحمد؛ يعني: أولها: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الحمد هو: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم؛ بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، ويعرفه بعض العلماء بأن الحمد: ذكر محاسن المحمود مع حبه، وتعظيمه وإجلاله، فمعناه أن الإنسان إذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فكأنه يقول: أحمد الله وأذكر إنعامه، وأعترف بفضله، حيث أنه أنعم علينا، وتفضل، وأعطانا، وخولنا، فهو المنعم المتفضل على العباد؛ أحمده وحده، فهكذا جاء هذا اللفظ الحمد لله في أول هذه السورة، وكذلك في أول سورة الأنعام، وفي أول سورة الكهف، وأول سورة سبأ، وأول سورة فاطر، يفتتحها الله -تعالى- بالحمد؛ ليعترف العباد بأنه هو المستحق للحمد.
وفي هذه السورة خمسة أسماء من أسماء الله -تعالى- الله، الرب، الرحمن، الرحيم، المالك؛ فيستحضر القارئ هذه الأسماء، فيستحضر أن الرب هو المربي، فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله، الذي رباني، وربى جميع العالمين بنعمته؛ أي الذي ربى عباده تربية كاملة، حيث أنعم عليهم حتى نشئوا؛ فهم دائما في نعمته، ربى عباده بنعمه؛ كافرهم، ومؤمنهم، كلهم تربوا على نعمه، وعلى فضله، هذه تربيته لعباده، ربي الله الذي رباني، وربى جميع العالمين بنعمه.
كذلك أنه سبحانه رب العالَمين.
العالَمون هم جميع الخلق؛ لأنهم علم وعلامة، على قدرة من أوجدهم، وخلقهم؛ فهو الخالق لهم، وهم العالَمون، يتفطن لهذه الكلمة؛ فتُُقرأ رَبِّ الْعَالَمِينَ بفتح اللام الذي يقرؤها رب العالِمين، تبطل قراءته؛ لأن الله تعالى رب الخلق كلهم؛ إذا قال: رب العالِمين، فإنها تختص بأهل العلم، ولا يكون ربا لبقية العالم؛ العالم هم الخلق كلهم، حيوانهم، وجمادهم، متحركهم، وساكنهم، كلهم عالم؛ يعني أنهم علم على قدرة من أنشأهم، وخلقهم؛ فأنت تقول: رب العالمين يعني: رب الخلق كلهم.